قَصِيدَةٌ حَولَ قَضِيَّةِ الاِسْتِهزَاءِ بِالمُؤمِنين

قد عــالَ مِيـزانُ الفَضـائِــلِ فيــنـــا *** وتغَــــيَّرت فِطَــــرُ الـهِدايــةِ حينــا

بينـا يُـرى الإنســـانُ مِنـَّـا قائِــمــــــا *** لله يَـحتَسِـــبُ العِبـــادة دينـــــــا

إذ بالنُّـفُــوسِ تَعـــافُـــه وتــوَدُّ لـــــو *** أنْ دامَ في قَيْـدِ الذُّنوبِ رهينـــا

وإذا اللسانُ يَكيلُ شتـمــــا نحـــوه *** ويفـوه بالقـول الــرَّدِيِّ مُهيـــنـــــا
*****
وكذا"الجرائد"قد توَلَّت كِـبرَ مـــا *** يُلقـــي الدُّعــاةُ مِن الأذية فينـــا

في كــلِّ صُبـــحٍ تستهِـــلُّ كأنَّــهـــا *** رأسُ الأبالسِ، تَحمِـلُ التـأبيــنــا

فتقـــول فـي قــومٍ هُــداة آمنــوا: *** تِـلك العَصـائبُ شوَّهت نادينــا

رجعوا إلى الأمرِ القديم فأظهَــروا *** عجَبًــــا يُؤَخِّـــر فـِكـــرنا و بنيــنـــا
*****
فتَلَــقَّف الغُمــــرُ السَّقيـــمُ مقالَهـــــا *** وهَــذى به فــي معشــرٍ نــائينــــا

قال اسمعوا يا معشـري من ناصِـحٍ *** يبغــــي التَّـقـــدُّمَ للبـــلاد قمينـــا

خرجت شُرَيذِمَـةٌ قليــلٌ جمعُـهـــــا *** حُدثاءُ سِــــنٍّ عقــلُهــــا ما زينـــــا

جعلوا التشدُّدَ في الديانةِ هَـمَّـهُـم *** فأتَـــوا بفِعـــلٍ مُنكــر يــؤذيــنـــــا

فرضوا الحِجابَ على النِّساء وأسبلوا *** شَعـرَ الـوجوه وأوسعوا التخبينـا

فاحذر مجالسهم وأقذِع شتــمَــهــم *** واعلـــم بأن جهودَهـــم تردينــــا

واحفظ عِيالك عنهــمُ في مَــأمــنٍ *** لا يـبــلُـغـــوه بأجنُــحٍ تخفــينــــا

فالديــــن يُســرٌ والسَّمــاحةُ رُكـــنُــه *** والله يــرحــــمُ رحمـــــةً تغـــرينــا

من ذا ينـــازع آيــةً فــي وحـــيـِــه *** تنعى الـــمحـــرم زينــةً تُلهـيــنــــا

فـدعِ التشــدُّدَ والتقــعُّــر جانــــبًــا *** واخضــع لظـِـل حضــارةٍ تؤوينــا

واجعل مُمَـاشاة الرُّقِيِّ فـريـضــــةً *** تلفي التقــدم عنـــد ذا يضفــينـــا

هــذا كـــلامُ الفـَدم عنـد نصيحِـــه *** أوحــاه شيــطـــانٌ إليـــه مـبيـنـــا

فاحمد إلهَك أيها المَحفـــوظُ مـن *** هـذا الـهُــراءِ وسَلــه لا يُطغيـنــــا

ما عيبُ قــوم بالهــدايـــةِ والتقـــى *** إلا بــألــســـنِ مــعــشَـــرٍ عاتـــيـنـــا

ولقـــد أبـــان اللـــهُ فــي تنزيــلـِــــه *** كـُفـــرَ المُعـَـــيِّر فـِـتيـــة ًهاديــنــــا

وأراد بالــتــعــيـــيـــر ذَمَّ هِـــدايــــةٍ *** فـُطـــــروا عـليــها حِـقبـــة وسنينــا

فانظُـر "بــراءة"و"النســاء" وقبلهــا *** ثـانِ الكتـــاب، وبعدها"ياسينـــا"

واقـــرأ تفاســـيرَ الأئِمَّـــةِ عنــدهــا *** تلفـــي مقــالـــيَ صادقًـــا ويقينـــا

وتـــرى كَـــلام الهــازئين جريـمــةً *** قامَـت على غمــر، وكان دفينـــا
*****
يا ســاخـرون مـن الدُّعــاةِ سمعتـمُ *** حُكْمًـــا غليظــا جــاء من بارينـــا

فـإنِ انتهيتـُــم فالسَّعــادَة خلفَكــم *** وإنِ استَبحتُـــم فالشَّقـــاء قريـنـــا

أومـــا علمتـــم أن بـاعــثَ عِـــزِّنــــا *** ذاك الكتـــاب وســـنــةٌ تهــدينــــا

فبهـــا أقَمنــــا للحضــــارةِ مَعـلـمًــــا *** وبهـــا فتحنـــا فَــارســـا والصِّينــــا

وبهــــا نشَـــرنا العِلـــمَ في أرجائهـــا *** حتَّى تعالــى كالجِبـــال رصينــــا

واليـــومَ لـــمـــا للكتـــابِ نَبــذتُــــمُ *** صـــارَ الهـــوان مُخَيِّمـــا كاسينـــا

هـذا هـو السِّـــرُّ الوحيــدُ لنَقصِكـم *** وكمالِ سادةِ قومنـــا الماضينــــا

الشيخ عبدُ السَّلامِ بن برجس آل عبد الكريم - رحمه الله -