إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهدي الله فلا مضل له ومن يُضلل فلا هادي له، واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد عباد الله اتقوا الله تعالى حق التقوى واجعلوه بين أعينكم دائما، اعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، وارجوا الله واليوم الآخر ولا تعثوا في الأرض مفسدين ولا تفسدون في الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفاً وطمعا إن رحمة الله قريب من المحسنين.
واعلموا أن أصدق الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن شر الأمور محدثاتها وأن كل محدثة بدعة وأن كل بدعة ضلالة.
معاشر إخواني في الله معاشر المسلمين الصائمين هذا استجواب سريع وأسئلة عجلا لي ولك لنعرف أين تقف أقدامنا بالضبط حتى لا نغتر ببعض المسكنات وبعض الدمعات في هذا الشهر.
أخي في الله كيف أنت مع الموت هل تخافه ومع بعده، هل يأخذك هذا الذكر ذكر الموت يأخذ بلبك أياما ًإذا سمعت به وتعمل لما بعده فإن الله وصف عباده الصالحين بأنهم مشفقين منه، والإشفاق هو شدة الخوف مع احتراق والساعة ساعة كبرى وساعة صغرى وليكن همك ساعتك الصغرى وهي الموت فإنك لا تدري في أي طريق يُقابلك، وفي أي منعطف تجدك معه وجهاً لوجه.
قال الله: {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ}[الشورى:17]، {يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ}، وقال الله : {أَوَلَمْ يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ}[الأعراف:185].
أخي في الله كيف أنت مع القرآن؟ هل تطفوا على سطحه أم فتح لك في معانيه وعجائبه فهو يأخذ بلبك وتستشعر أنه رسالة من الله تُخاطبك أنت شخصياً وأنه حبلٌ من الله ممدود إليك إن اعتصمت به نجوت وإن أفلته هكلت فأنت تتلوه حق تلاوته تتبعه وتعمل بما فيه، {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ}.
أخي في الله كيف أنت مع الجنة والنار إذا مر ذكرها هل ترعبك، يرعبك ذكرا لنار ويشوكك ذكر الجنة هل تُمثل نفسك في النار والسلاسل في أطرافك والأغلال في رقبتك وقد نُسيت في زاوية منها لا يُطالب بك أحد في نارٍ تلظى هل تستشعر ذلك دائماً فتخاف وتعمل، والجنة تطربك وتشتاق إليها فتطلبها أم أن مشاعرك سلبية باردة إذا مر ذكر الجنة والنار.
أخي في الله كيف أنت في الصلاة، والصلاة هي التوحيد ينصب الله وجهه لوجهك حتى تركع له، وتسجد له أمامه وتخاطبه وتتلوا كتابه، وتذكره كيف أنت فيها؟.
أخي في الله هل أنت مشفق من الآخرة، مشفق شديد الخوف مع احتراق وصف الله أهل الجنة أنهم أقبلوا بعضهم على بعض يتساءلون قالوا: إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم، هل أنت كذلك؟ هل أنت تخاف من النار.
قال الله: {وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ}[المعارج:27]، ِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ}[المعارج:28].
كيف أنت في العمل قال الله: {إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ}[الذاريات:16]، {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ}[الذاريات:17]، {وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}[الذاريات:18]، {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ}[الذاريات:19]، هل أنت كذلك؟.
كيف أنت في الأمر الذي يغضب الله هل تغضب لغضب الله هل ترضى لرضاه ولو كان مع أقرب قريب هل تقدم مراضي الله على مراضي نفسك ومجتمعك والله يقول: { وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ}[التوبة:62]، إن كانت الإجابات مشجعه فاحمد الله وألزم وثبت وازدد، وإن كنت مثلي إجاباتك غير مشجعة فلا تخدع نفسك وإن كثرت المسكنات، والظواهر، فحالتك خطيرة، وربما تكون مستعصية يوما ما احذر.
سبب هذه الظواهر كلها حجاب بينك وبين الله يغلظ ويشف، من أين؟ أنا هذا بل هو من عند أنفسكم منك أنت الذي صنعت هذا الحجاب قال الله: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}[المطففين:14]، {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ}، يوم يتكاثف الران على قلوبهم بما عملته أيديهم {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ}[المطففين:15]، محجوب عن الله، عن الآخرة عن القرآن، عن الصلاة، عن الذكر، فيه حجاب لا يستشعر حقيقة العبادة من الران، والران بما عملت يداك، والحل، الحل واحد مضمون هناك حلول أخرى.
الدعاء مثلاً قد يكشف الله عنك الران بكرامة ويفتح على قلبك ممكن لا تهزأ بالدعاء، وممكن لا يحصل هذا من شبهة دخلت عليك أو مانع منع أو غير ذلك، كالذنب قد يُغفر بالدعاء وهو الاستغفار حتى من غير توبة، ولكن العلاج المضمون بإذن الله لذنب فإنها التوبة فإنها سنة لا تتخلى، من تاب وهو صادق محيت ذنوبه، والدعاء قد يُجاب و قد لا يُجاب، كذلك هذا الحجاب قد يُكشف بأي سبب.
لكن السبب المضمون بإذن الله لكشف هذا الحجاب والتغير من حالٍ إلى حال والإقبال على الله هو في آية واحدة بل في بعض آية، قال الله: { لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ }، هذه الآية شعار حياة دائماً بين عينيك الذنب أتى منك والحجاب منك والعلاج بيدك بإذن الله.
قال قتادة: التغير من الناس والتيسير من الله، لا تنتظر أسباباً خارجية، إن الله لا يُغير ما بقوم حتى يُغيروا ما بأنفسهم فابدأ التغيير فأنت في شهر التغيير.
اليوم في هذه الأيام كل شيءٍ متاح وكل شيء يعين، اصدق مع الله، قال الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ}، على الشيطان المريد على النفس الأمارة على الهوى الحلو المر، على الدنيا المتزينة على شياطين الإنس والجن وقرناء السوء، { إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}[محمد:7]، وعدٌ لا يتخلف.
وقال الله: { فَإِذَا عَزَمَ الأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ}[محمد:21]، وقال الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[آل عمران:200].
يا أخي في الله أمحض نفسي وإياك النصيحة قبل أن يفوت الفوات ولا ساعة مندم قبل أن يُقابلنا الموت في أي منعطف فتقول: { رَبِّ ارْجِعُونِ}[المؤمنون:99]، {لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}[المؤمنون:100].
{أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ}[الزمر:56]، كنت ألعب مع اللاعبين وأخوض مع الخائضين في أحداث الدنيا ونسيت نفسي نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون.
{يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الإِنسَانُ مَا سَعَى}[النازعات:35]، {وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى}[النازعات:36]، قبل أن يتذكر الإنسان وأنا له الذكرى يقول: يا ليتني قدمت لحياتي، إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وأنا أوصيك بسياسة لهذا التغيير، أولاً أصحب شيءٌ فيه الخطوة الأولى، فإذا عزم الأمر فلو صدقوا الله لكان خيراً له، فإن النجاح يورث النجاح، أصدق مع الله في القومة الأولى فإنك كالنائم أثقل خطوة ليتوضأ هي الخطوة الأولى ثم تنحل عنه العقد، غير، غير ما في نفسك في عبادتك في طاعتك في هدفك في الحياة.
والأمر الثاني: جزء العمر على وحدات صغيرة فإن من أسباب غلظ الحجاب طول الأمل، ومن أسباب طول الأمل أنك الآن تفكر في عمرك على أنه كتلة واحدة، أمامك ثلاثين سنة أربعين سنة عشرين سنة فيغلظ الحجاب لا، قسم العمر وحدات صغيرة يوم وليلة، إذا أصبحت لا تنتظر المساء، وإذا أمسيت لا تنتظر الصباح واضغط على عقلك وقلبك حتى يكون هذا يقيناً لك.
اليوم لا تُفكر إلا إلى المغرب فقط، وإذا صليت المغرب فكر إلى الفجر قد تُخطف قبل الفجر، كالذاهب إلى مكة الآن من الرياض، أمامه مئات الكيلو مترات فقد يثقل عليه الطريق وقد يتراجع عن العمرة.
لكن أولاً: اخرج من الرياض أعزم، وثانياً: فكر في أقرب مدينة إلى الرياض واستمتع بهذا الوقت في طاعة الله، فإذا وصلتها انظر إلى التي تليها فإذا أنت في مكة هكذا العمر.
يا عباد الله ولذلك كان أصحاب محمد يتواصون بهذا، قال الله: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ}، للذكر والقرآن ما هو المانع من الخشوع في الصلاة وفي الذكر في كل شيء، { وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ }[الحديد:16].
ثالثاً: حدد هدفك بوضوح، كلما كان الهدف واضحاً كلما كان السير إليه طيباً ولو أن تكتبه على الورق هذا أحسن ما هو هدفك في كل يوم جزء الهدف يوم بيوم كما قال عمر، في كل يوم عمل جديد لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد، وشهر بشهر وسنة بسنة، ما الجهاد الذي يُناسبك، ما العبادة، ما الطاعة، كل يوم لك حزب من القرآن لك ركعات تؤديها فرائض ونوافل، لك إحسان إلى الناس إحسان إلى نفسك، لك عمل في دنياك لك أشياء كثيرة حددها كل يوم بيوم وشهر بشهر وأهداف بعيدة وقريبة واعمل.
رابعاً: ابدأ دائماً بالمهمات الكبرى احذر أن يكون حق الله له فضول الأوقات فيتفارط عليك الأمر، ابدأ دائماً بحق الله، ألم يقل الله: والله ورسوله أحق أن يرضوه، ألا ترضي ربك، حزبك من القرآن كان عليه الصلاة والسلام، ربما احتبس في بيته لم يخرج للناس حتى يتم حزبه من القرآن حق الله له جوهر الأوقات ليس فضول الأوقات، فدائماً ابدأ بالمهمات المهمة من الصلاة من القرآن التبكير للصلاة وأسعى في ذلك فإنك إن داومت ولو عشرين يوماً فتكون عادة ثم تكون طبيعة، ثم يخف عليك الأمر أوله كلفة وآخره ألفه فإذا عزم الأمر فلوا صدقوا الله لكان خيراً لهم.
أيضاً خامساً: عليك كما قال عليه الصلاة والسلام: الغدوة والروحة وشيء من الدلجة واستغلال الأوقات فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس بورك لأمتي في بكورها، والله لو أمسكنا بأول اليوم في طاعة الله لبورك لنا في اليوم كله، البركة في البكور، وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس ساعة، كم ساعات ضاعت في متابعة الأخبار والانترنت، ساعة وقبل غروبها ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى لك أنت.
{وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى}[طه:131]، {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ}، هذا التغيير اصطبر عليها وعلى تحسينها والتبكير إليها واصطبر، { عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ}، الحلوة الرائعة العالية، العاقبة، { لِلتَّقْوَى}[طه:132].
أيضاً لو كان عندك غداً سفر لمدة شهر عن بلدك فإن هذا اليوم سيكون حافل بإنهاء الأعمال وإغلاق الملفات أمامك سفر لمدة شهر هكذا فكن دائماً اعمل لآخرتك كأنك تموت غداً كل يوم قل غداً عندي سفر سأنهي أعمالي أغلق كل شيء مفتوح أعمل، إن الله لا يغير ما بقوم حتى يُغيروا ما بأنفسهم، حفز نفسك دائماً تفاءل أحسن الظن بربك اعلم أن الله معك، لكن كما قال قتادة: التغيير من الناس حتى يظهر منهم صدق، والتيسير من الله.
أما النائم وينتظر التغيير ينتظر الله أعلم، فيا عباد الله الذي يُعيقك أكثره من نفسك أنا هذا قل هو من عند أنفسكم خيالات يضعها الشيطان ووهن وعجز واستكانة واستلذاذ بالوضع المؤلم حتى ينتهي العمر، أصعب شيء عليك القومة قم، ثم أعزم وسترى أمراً عجبا.
فإذا عزم الأمر فلو صدقوا الله لكان خيراً لهم، فيا عبد الله، إن كانت تحس بحجاب بينك وبين الآخرة والخوف منها والشوق إلى وعد الله وحجاب في صلاتك، وحجاب بينك وبين الذكر العميق وحجاب بينك وبين القرآن وكنوزه، وحجاب بينك وبين الجهاد لله  هذا هو سبيل التغيير وأنت في شهر التغيير.
اللهم أعنا أن نغير ما في أنفسنا حتى تغير ما بنا يا رب العالمين، اللهم اجعلنا ممن صدق معك فكان خيراً له، واجعلنا ممن نصرك فنصرته وثبت قدميه، واجعلنا ممن أرادك فكنت له كما يريد، واجعلنا ممن يرضيك فأرضيته يا رب العالمين.
اللهم اجعلنا من عبيدك حقا، اللهم اجعلنا منشغلين بطاعتك وبعبادتك، نرجو الله واليوم الآخر، اللهم أنقذنا من الوهن، والاستكانة فإنك أثنيت على عبادٍ لك فقلت: {كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ}[آل عمران:146]، {وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}[آل عمران:147]،، وأعظمهم الشيطان، {فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}[آل عمران:148].
أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم استغفروه.
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيرا.
يا عبد الله إن لله عملاً بليل لا يقبله بالنهار، ولله عمل ٌبالنهار لا يقبله بالليل، فلا تفرق ولا تعجز، واعلم أن الحق ثقيل وحسبك بميزان يوضع فيه الحق أن يرجح، واعلم أن الباطل خفيف وحسبك بميزان يوضع فيه الباطل أن يطيش ويخف، فيا عبد الله اعمل بالحق ولو كان مرا، ودعك عنك الباطل ولو كان حلوا ولو كان ما تهواه الأنفس واتقي الله واصدق مع الله ، وأمامك أيضاً الاعتكاف فإنه من أعظم ما يُعينك على التغيير وعلى التعود على برنامج يستمر معك طول حياتك.
فإن الاعتكاف كالمختبر تتعود فيه على ساعات أول اليوم وآخره وتهجد وصيام ثم بإذن الله تنطلق في بقية عمرك، فلا تغبن فيه يا عبد الله واحمد الله على العافية وألزم السنة وليكن همك التوحيد وأهله، وانظر إلى من جعلوا الدين مطية لأهوائهم كيف مكروا فمكر الله بهم ونسأل الله أن يزيدهم خبالا، ووبالا، وأن يريح الإسلام والمسلمين منهم هذه الأحزاب الضالة التي تسترت بالدين زمانٍ طويلاً ثم مكر بهم.
وأيضاً إن شاء الله فيا عبد الله ألزم السنة وأصلح ما بينك وما بين الله يُصلح الله ما بينك وبين الناس، وأصلح سريرتك يصلح الله علانيتك، واتقي الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلقٍ حسن، واعلم أنك في مهلة قصيرة عاجلاً ما تنقضي فاعمل لنفسك قبل فوات الأوان.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ}[التكاثر:1]، {حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ}[التكاثر:2]، {كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ}[التكاثر:3]، {ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ}[التكاثر:4]، {كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ}[التكاثر:5]، {لَتَرَوْنَ الْجَحِيمَ}[التكاثر:6]، {ثُمَّ لَتَرَوْنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ}[التكاثر:7]، {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ}[التكاثر:8].
{وَالْعَصْرِ}[العصر:1]، {إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ}[العصر:2]، {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}[العصر:3].
اللهم اجعلنا منهم يا حي يا قيوم اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد.